سورة النجم - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النجم)


        


{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِى صُحُفِ موسى وإبراهيم الذى وفى} وفى وأتم ما التزمه وأمر به، أو بالغ في الوفاء بما عاهد الله، وتخصيصه بذلك لاحتماله ما لم يحتمله غيره كالصبر على نار نمروذ حتى أتاه جبريل عليه السلام حين ألقي في النار فقال ألك حاجة، فقال أما إليك فلا، وذبح الولد وأنه كان يمشي كل يوم فرسخاً يرتاد ضيفاً فإن وافقه أكرمه وإلا نوى الصوم، وتقديم موسى عليه الصلاة والسلام لأن صحفه وهي التوراة كانت أشهر وأكبر عندهم.
{أَلاَّ تَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى} أن هي المخففة من الثقيلة وهي بما بعدها في محل الجر بدلاً مما {فِى صُحُفِ موسى}، أو الرفع على هو أن {لا تَزِرُ} كأنه قيل ما في صحفهما؟ فأجاب به، والمعنى أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ولا يخالف ذلك قوله: {كَتَبْنَا على بَنِى إسراءيل أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً} وقوله عليه الصلاة والسلام، «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» فإن ذلك للدلالة والتسبب الذي هو وزره.
{وَأَن لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى} إلا سعيه أي كما لا يؤاخذ أحد بذنب الغير لا يثاب بفعله، وما جاء في الأخبار من أن الصدقة والحج ينفعان الميت فلكون الناوي له كالنائب عنه.
{وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يرى ثُمَّ يُجْزَاهُ الجزاء الأوفى} أي يجزى العبد سعيه بالجزاء الأوفر فنصب بنزع الخافض، ويجوز أن يكون مصدراً وأن تكون الهاء للجزاء المدلول عليه بيجزى و{الجزاء} بدله.
{وَأَنَّ إلى رَبّكَ المنتهى} انتهاء الخلائق ورجوعهم، وقرئ بالكسر على أنه منقطع عما في الصحف وكذلك ما بعده.
{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وأبكى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} لا يقدر على الإِماتة والإِحياء غيره فإن القاتل ينقض البنية والموت يحصل عنده بفعل الله تعالى على سبيل العادة.
{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزوجين الذكر والأنثى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تمنى} تدفق في الرحم أو تخلق، أو يقدر منها الولد من منى إذا قدر.
{وَأَنَّ عَلَيْهِ النشأة الأخرى} الإِحياء بعد الموت وفاء بوعده، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو النشاءة بالمدة وهو أيضاً مصدر نشأ.
{وَأَنَّهُ هُوَ أغنى وأقنى} وأعطى القنية وهو ما يتأثل من الأموال، وإفرادها لأنها أشرف الأموال أو أرضى وتحقيقه جعل الرضا له قنية.
{وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى} يعني العبور وهي أشد ضياء من الغميصاء، عبدها أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم وخالف قريشاً في عبادة الأوثان، ولذلك كانوا يسمون الرسول صلى الله عليه وسلم ابن أبي كبشة، ولعل تخصيصها للإِشعار بأنه عليه الصلاة والسلام وإن وافق أبا كبشة في مخالفاتهم خالفه أيضاً في عبادتها.
{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأولى} القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكاً بعد قوم نوح عليه الصلاة والسلام. وقيل: {عَاداً الأولى} قوم هود وعاد الأخرى إرم. وقرئ: {عَاداً لولي} بحذف الهمزة ونقل ضمها إلى لام التعريف وقرأ نافع وأبو عمرو {عَاداً لولي} بضم اللام بحركة الهمزة وبادغام التنوين، وقالون بعد ضمة اللام بهمزة ساكنة في موضع الواو.
{وَثَمُودَاْ} عطف على {عَاداً} لأن ما بعده لا يعمل فيه، وقرأ عاصم وحمزة بغير تنوين ويقفان بغير الألف والباقون بالتنوين ويقفون بالألف. {فَمَا أبقى} الفريقين.


{وَقَوْمَ نُوحٍ} أيضاً معطوف عليه. {مِن قَبْلُ} من قبل عاد وثمود. {إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وأطغى} من الفريقين لأنهم كانوا يؤذونه وينفرون عنه ويضربونه حتى لا يكون به حراك.
{والمؤتفكة} والقرى التي ائتفكت بأهلها أي انقلبت وهي قرى قوم لوط. {أهوى} بعد أن رفعها فقلبها.
{فغشاها مَا غشى} فيه تهويل وتعميم لما أصابهم.
{فَبِأَىّ آلاَءِ رَبّكَ تتمارى} تتشكك والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لكل أحد والمعدودات وإن كانت نعماً ونقماً سماها {ءالآء} من قبل ما في نقمه من العبر والمواعظ للمعتبرين، والانتقام للأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمؤمنين.
{هذا نَذِيرٌ مّنَ النذر الأولى} أي هذا القرآن إنذار من جنس الإِنذارات المتقدمة، أو هذا الرسول نذير من جنس المنذرين الأولين.
{أَزِفَتِ الأزفة} دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو قوله تعالى: {اقتربت الساعة}.
{لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله كَاشِفَةٌ} ليس لها نفس قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله لكنه لا يكشفها، أو الآن بتأخيرها إلا الله، أو ليس لها كاشفة لوقتها إلا الله إذ لا يطلع عليه سواه، أو ليس لها من غير الله كشف على أنها مصدر كالعافية.
{أَفَمِنْ هذا الحديث} يعني القرآن {تَعْجَبُونَ} إنكاراً.
{وَتَضْحَكُونَ} استهزاء. {وَلاَ تَبْكُونَ} تحزناً على ما فرطتم.
{وَأَنتُمْ سامدون} لاهون أو مستكبرون من سمد البعير في مسيره إذا رفع رأسه، أو مغنون لتشغلوا الناس عن استماعه من الثمود وهو الغناء.
{فاسجدوا لِلَّهِ واعبدوا} أي واعبدوه دون الآلهة.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة النجم أعطاه الله عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد وجحد به بمكة».

1 | 2